
مقالة علمية للاستاذ الدكتورمحمد قيس عبد مصطفى بعنوان "الصوم وفسيولوجيا الجوع"
تقبل الله صيامكم وقيامكم وصالح اعمالكم في هذا الشهر الفضيل، ويسعدني ان اوضح بطريقة مختصرة اهمية الصيام الصحية لجسم الانسان في مقالة علمية سريعة.
ينظم الشبع والجوع في جسم الانسان من خلال نظام معقد من الهرمونات والنواقل العصبية ليتم اشعار الجسم بالحاجة الى الطعام او التوقف عن تناوله ويعد هذا التنظيم ضروريا لتنظيم الشهية والمحافظة على طاقة متوازنة توفر النشاط المطلوب للفعاليات الفسيولوجية في جسم الانسان.
يتم تنظيم الشبع والجوع في اجسامنا بواسطة خمسة هرمونات اساسية هيك
1. هرمون الغرلين : ويسمى (هرمون الجوع) يفرز من المعدة ويحفز الدماغ على زيادة الشهية للطعام ويعزز شعورنا بالجوع.
2. هرمون اللبتين : ويسمى (هرمون الشبع) يفرز من الخلايا الدهنية ويحفز الاحساس بالشبع والرغبة بالتوقف عن تناول الطعام.
3. هرمون كوليسيستوكينين : يفرز من الامعاء استجابة لتناول الدهون والبروتينات ويحفز المعدة على التباطيء في تفريغ محتواها من الطعام.
4. هرمون ببتيد YY: ويرمز له (PYY) يفرز من الامعاء بعد تناول الطعام ويعزز الشعور بالشبع.
5. هرمون الانسولين: يفرز من البنكرياس ويساعد على تنظيم مستوى السكر في الدم ويؤدي دورا كبيرا بالإحساس بالجوع.
ان عملية الهضم والاحساس بالشبع والجوع لا يقع تحت تاثيرات فسلجية هرمونية فقط وانما يتاثر ايضا بالحالة النفسية والتوتر والقلق وكلها تؤثر في الهرمونات التي تؤدي بدورها الى زيادة وتقليل الشهية.
لقد توصلت دراسة بريطانية الى ان تناول الطعام لمدة عشر ساعات فقط والامتناع عنه لمدة اربع عشرة ساعة فان ذلك يؤدي الى زيادة مستويات الطاقة وتحسن المزاج وانخفاض حالات الاحساس بالجوع ومن هنا ظهرت فكرة الصيام المتقطع الذي يعد احد انظمة المحافظة على الصحة وتخفيف الوزن للأشخاص البدناء.
وفي شهر رمضان المبارك يصوم المسلمون من بزوع الفجر الى غروب الشمس ممتنعين عن الطعام والشراب مؤدين عبادة للخالق جل في علاه في ركن من اركان الاسلام الخمسة، ونجد في هذا الصيام الفريد العديد من الفوائد الصحية منها تقليل الكوليسترول الضار وتقليل الشهية والتخلص من السموم طيلة فترة شهر كامل.
لاحظ العلماء ان الصيام في رمضان يحفز الجسم على تنظيف نفسه من خلال ازالة السموم والتهام الخلايا السرطانية وخلايا الشيخوخة ومحاربة الامراض المزمنة مثل السكر وارتفاع ضغط الدم والزهايمر من خلال تكوين بروتينات وظيفية خاصة تتشكل تحت ظروف الجوع وتتجمع حول الخلايا السرطانية والخلايا الميتة وتقوم بتحليلها وتدوير محتواها داخل الجسم.
لقد توصل العلماء الى ان عملية الالتهام الذاتي Autophagy تحتاج الى ظروف غير تقليدية تساعد الجسم على القيام بهذه العملية ومن هذه الظروف هي الامتناع عن تناول الطعام والشراب لمدة لا تقل عن عشر ساعات ولا تزيد عن ست عشرة ساعة على ان يقوم الانسان بممارسة نشاطاته اليومية بصورة اعتيادية وهذا ما يوفره صيام رمضان بدقة عالية من خلال تكرار الجوع لعدة ايام وصولا الى التخلص من الخلايا السرطانية وعدم تكوين خلايا ضارة بالجسم .
ان تكرار الصيام لمدة شهر كامل ساعد العلماء على ملاحظة تكوين بروتينات معينة تسمى Autophagisomesتتكون في الدماغ والقلب وبعض الانسجة لتكون هذه البروتينات اشبه بالمكانس العملاقة تبتلع اي خلية غير مرغوب بها في الجسم وتحليلها وازالتها خارج الجسم.
مما سبق تستنتج ان الصيام هو فرصة ذهبية لاعادة تاهيل الجسم وتنظيفه من السموم والخلايا الضارة التي تتكون خلال عام كامل ولهذا السبب كان النبي الاعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يصوم كل اثنين وخميس من كل اسبوع وكذلك يصوم الليالي البيض من كل شهر في دعوة واضحه منه صلى الله عليه سلم لتوضيح اهمية الصيام المتكرر على مدار السنة لذا قال عليه افضل الصلاة والسلام (صوموا تصحوا)
في الختام اسال الله ان يجعل الصيام صحة وعافية لابدانكم وان يعيد شهر رمضان عليكم وانتم ترفلون بالصحة والعافية.