مقالة علمية للاستاذ مساعد الدكتور سفيان محمد شرتوح بعنوان

مقالة علمية للاستاذ مساعد الدكتور سفيان محمد شرتوح بعنوان "تدوير النفايات والحد من التلوث البيئي"

       إن عملية تدوير النفايات وفرزها تشارك بشكل ملحوظ في تعزيز الاقتصاد المحلي وحماية البيئة، فالإنسان يبحث دوماً عن التطور في كل مستويات الحياة وهو يقوم بإنجازات كثيرة في سبيل تحقيق هذا التطور من خلال الصناعات المختلفة وتطبيق التكنولوجيات العديدة، ولكن تنطوي هذه الصناعات على ضريبة كبيرة هي التلوث البيئي الموجود في الغلاف الجوي أو اليابسة أو البيئات المائية، وعليه تعد عملية إعادة التدوير من المواضيع المهمة التي يجب الاهتمام بها والانتباه لها لتخفيض نسب هذا التلوث. تتمثل النفايات أو المخلفات بالمواد الصلبة أو السائلة أو الغازية غير المرغوب بها والناتجة عن نشاطات الانسان المختلفة سواء كانت صناعات استخراجية مثل استخراج النفط الخام والغاز الطبيعي واستخراج خامات العناصر المعدنية مثل الرصاص والحديد والنيكل وحتى الخامات غير المعدنية كالفوسفات، أو صناعات تحويلية التي تشمل مجموعة كبيرة من نشاطات الصناعة مثل صناعة المنتجات الغذائية وعمليات تكرير النفط وصناعات البتروكيمياويات والأسمدة المصنعة وغيرها. وبطبيعة الحال تطرح هذه الصناعات كميات كبيرة من المواد التي تسهم بشكل كبير في تلوث التربة والمياه والغلاف الجوي، مما له الأثر الكبير والخطير على مستقبل الأمن المائي والغذائي والزراعي وبالتالي التأثير السلبي على اقتصاديات الدول. ومن هنا برزت اهمية عملية إعادة تدوير النفايات والمخلفات المختلفة (Recycling) والتي تتضمن إعادة تصنيع أو استخدامالمخلفات سواء كانت منزلية أو صناعية أو زراعية بتطبيق تكنولوجيات معينة الغاية منها هو تقليل حجم وكمية هذه النفايات وبالتالي الحد من تراكمها في البيئة.

إن عملية إعادة تدوير المخلفات تتمتع بمزايا كثيرة، وفي نفس الوقت تنطوي هذه العملية على مساوئ يجب معالجتها، إذ تتضمن المزايا عمليات الحد من انتشار التلوث؛ من خلال عمليات إعادة التدوير التي تسمح باستخدام المواد المدورة مرة أخرى بدلاً من إجراءات التخلص الخاطئة. وحماية البيئة؛ إذ تلعب عمليات إعادة التدوير دوراً كبيراً في حماية النظم البيئية والإبقاء على توازنها كما هو الحال في عمليات إعادة تصنيع الورق الذي يحد من عمليات قطع أشجار محددة وبالتالي إزالة مجتمع الغابات التي تعد مصدراً مهماً لإنتاج الأوكسجين. والحد من تأثير الاحتباس الحراري على الأرض؛ من خلال تقليل عمليات حرق النفايات وبالتالي تقليل انتاج الغازات الدفيئة التي تعتبر السبب الرئيس في خفض كفاءة طبقة الأوزون وتغيير المناخ. كما تسهم هذه العملية في الحفاظ على الموارد الطبيعية؛ من خلال تقليل الاعتماد على المواد الخام المستخرجة من الطبيعة. فضلاً عن الحد من مكبات النفايات؛ عن طريق تقليل المساحات المخصصة لهذه المخلفات الأمر الذي يسهم في الحد من تلوث التربة والمياه الجوفية وتدهور النظم البيئية. يضاف إلى ذلك مزايا الاستخدام المستدام للموارد الحالية وتوفير فرص العمل والحد من استهلاك الطاقة وتقليل كلف الانتاج.

 وفي الوقت ذاته فإن عملية تدوير المخلفات لها مساوئ تتمثل برأس المال الكبير؛ إذ تكون عمليات التدوير عالية الكلفة في أغلب الأحوال وتحتاج سبل دعم وتعزيز مثل شراء المعدات والمركبات ورفع مستوى الآليات العاملة وتدريب الأشخاص المعنيين وغيرها من المتطلبات التي تسهم في رفع الكلف المادية لعملية إعادة التدوير. وقد تكون مواقع إعادة التدوير ومنشآتها غير آمنة صحياً وبيئياً؛ نظراً لما تحتويه من كميات هائلة من المخلفات أو النفايات التي تشكل مصدراً لانتشار الأمراض المعدية أو حتى تسميم البيئة المحيطة استناداً إلى كمية المواد الكيميائية الخطرة التي تحتويها هذه النفايات، لا سيما المخاطر الصحية التي قد يتعرض لها العاملون في هذا المجال. كما أن بعض المنتجات التي تم إعادة تدويرها قد لا تكون بالمستوى المطلوب؛ فمن المعروف أن المنتجات المعاد تدويرها قد لا تتساوى في الجودة مع المواد الأصلية ولكنها تسهم بشكل كبير وفعال في توفير المواد الخام. وعادةً ما تكون عملية التدوير على نطاق ضيق؛ فعلى الرغم من مزايا عمليات إعادة التدوير إلا أنه لم يتم تطويرها ونشرها على نطاق كبير، فلا تزال هذه العمليات تطبق بحيز صغير في أماكن معينة مثل المدارس والمنازل، لكنها لم تُستخدم بشكل كلي في الصناعات المحلية أو حتى على مستوى العالم.

  تسهم عملية إعادة تدوير المخلفات في تحويلها إلى مواد قابلة للاستخدام مرة أخرى، كما تسهم بشكل كبير في خفض مستويات استخدام الطاقة، وبالتالي تقليل الاعتماد على مواد خام جديدة، وتقليل تلوث الهواء والمياه، فضلاً عن تقليل انبعاث الغازات الدفيئة التي لها تأثير البيوت الزجاجية على مناخ الأرض. وتتضمن المخلفات التي بالإمكان إعادة تدويرها كل من المواد البلاستيكية والزجاج والعلب المعدنية والنسيج وإطارات السيارات وبعض الاجهزة الالكترونية.

وختاماً يمكن القول بأن التخلص من المخلفات بإعادة تدويرها لغرض استخدامها مرة أخرى أو اتباع طرق صحيحة لدفنها والتخلص النهائي منها في سبيل الحفاظ على التوازن البيئي، إذ أصبحت الدول التي تتبع هذه التقنية توفر المكاسب المادية الناتجة عن عملية تدوير النفايات مع مراعاة الهدف الاساسي بالحفاظ على بيئة آمنة صحياً وسليمة بيئياً ولا تؤثر على التغيرات المناخية التي نعاني منها حالياً.